عطاء النهر
ــــــــــــــــــــــ
كان نهر صغير,يجري ضاحكاً مسروراً يزرع في خطواته الخصب ويحمل في
راحتيه العطاء..يركض بين الاعشاب,ويشدو بأغانيه الرطاب فتتناثر حوله فرحآآ آخضر
يسقي الازهار الذابلة. فتضئ ثغورها باسمة.ويروي الاشجار الظامئه .فترقص اغصانها حبورآ ويعانق
الارض الميته., فتعود اليها الحياة.
ويواصل النهر الكريم رحلة الفرح والعطاء لا يمن على احد ولا ينتظر جزاء.
وكان على جانبه صخرة صلبة قاسية القلب فاغتاظت من كثرة جودة, وخاطبته مؤنبه:
=لماذا تهدر مياهك عبثاً؟!
=انا لا اهدر مياهي عبثا , بل ابعث الحياة والفرح, في الارض والشجر.
=وماذا تجني من ذلك؟!
=اجني سعادة كبيرة,عندما انفع الاخرين.
=لاأرى في ذلك اي سعادة!
=لو أعطيت مرة,لعرفتِ لذة العطاء.
قالت الصخرة:احتفظ بمياهك فهي قليله وتنقص بستمرار.
وما نفع مياهي ,إذا حبستها على نفسي وحرمت غير؟!
-حياتك في مياهك،وإذا نفدت تموت.
قال النهر:في موتي حياة لغيري.
-لا اعلم احداً يموت ليحيا غيرة!
-الانسان يموت شهيدآ ليحيا ابناء وطنه.
قالت الصخرة ساخرة:
-سآسميك بعد موتك النهر الشهيد!
-هذا الاسم شرف عظيم.
لم تجد الصخرة فائدة في الحوار،فأمسكت عن الكلام.
اشتدت حرارة الصيف وآشتد ظمأ الارض والشجر والورد و..ازداد النهر عطاء
فأخذت تنقص وتغيض يوما بعد يوم حتى لم يبق في قعرة قدر يسير لا يقوى على المسير
صار النهر عاجزاً عن العطاء فانتابه حزن كبير ونضب في قلبه الفرح ويبس على شفتيه الغناء وبعد بضعة ايام
جف النهر الصغير فنظرت اليه الصخرة وقالت:
-لقد مت ايها النهر ولم تسمع لي النصيحة!
قالت الارض:النهر لم يمت مياهه مخزونة في صدري.
وقالت الاشجار:النهر لم يمت مياهه ممزوجة بعطري
قالت الصخرة مدهوشة: لقد ظل لنهر الشهيد حيا في قلوب الذين منحهم الحياة .
وآقبل الشتاء كثير السيول غزير الامطار فامتلا النهر الصغير بالمياة وعادت اليه الحياة وعادت رحلة الفرح والعطاء
فانطلق النهر الكريم ضاحكا مسرورا يحمل في قلبه الحب وفي راحتيه العطاء..